لـواء ركن ( م) د. يونس محمود محمد

لك أن تُدرك مقدار ( الغِل ) والحقد الذي ينطوي عليه ضمير التمرد ( إن كان له ضمير ) على الولايات الشمالية خاصةً نهر النيل والولاية الشمالية، وفي نهر النيل شندي، ومروي، وعطبرة بالتحديد، وذلك من خلال لغط ما يدور بين الجنجويد من أحاديث، وما يتداولونه من أسمار، في قوالب وعيد وإحياناً في تفكُه وتسفُه، وأصوات تحريض مليئة بالغبن الذي يثير ألف تساؤل لِمَ كل هذا الحقد والإستهداف، وقد شبعتم من لحوم أهل السودان، وسلبتم الأموال، وبطشتم بطش الجبابرة الطُغاة، وأهل هذه الولايات هم بعض من أولئك لأنهم منتشرين في كل ربوع السودان، أسوةً بغيرهم من مكونات هذه الأمة السودانية، وكذلك لا تخلو هاتان الولايتان من ذات أطياف وعناصر ومكونات القبائل التي خرج من ضؤضئها ( الجنجويد ) وأنهم آثروا الجماعة، واختاروا الوطن، وإلتزموا الحق، ( وخافوا ربهم ) وإمتنعوا عن الولوغ في الدم الحرام، ولمن يقيس ( القياسة هي دربة وحدس يفسر بها القياسون الظواهر السلوكية والملامح الوراثية في البشر ) يدرك أن ثمة ( نَكْتة ) في لا وعي هؤلاء الجنجويد تؤرقهم، وتوسوس لهم، وتملي عليهم هذا الغيظ الذي طالما نطق به بعضهم ووثقه، فقد قال المدعو ( الربيع ) بأنهم لو خُيرُوا بين دخول الجنّة وبين دخول شندي قال: فإنهم سيختارون دخول شندي !!!!
وقال ( بقال ) عليكم ويقصد فئته الجنجويد، بضرب المساكن، والمدارس، بل والمساجد في هذه المدن المعينة بالطيران المسيّر، وسبقهم الجنجويدي ( أبو حجبات ) الذي توعّد بحرق أطفال عطبرة، وأنهم لن تأخذهم في جميع سكانها رأفةً وهم في هذا على درب وهداية سيدهم ( البعاتي ) يوم توعّد قبيلة الشايقية تحديداً بالويل والثبور والإستئصال.
فما هي الأسباب والدوافع لكل هذا المقت؟؟
ألأنها ولايات تنعم بالسلام المجتمعي طوال تاريخها ولم ترق دماً في صراع قبلي جاهلي ؟؟؟
أم لأنها ولايات منتجة للمعرفة والتعليم، والكد والإغتراب وتطوير الذات؟؟
أم لأنها ذات عرق ضاربٍ في أصل حضارة السودان ببُعدها التاريخي الموثق، ولذلك لقيت منهم ( المومياءات في المتحف ) ما لقيه أحفاد أحفادهم من ( بهدلة ) وهم يرددون ( جسس ) والمقصود ( جثث ) الكِيزان، في مشهد القرد و النظارة في كتاب المطالعة !!!
أم لأن هذه الولايات ما زالت أثوابها طاهرة من دنس ورجس ونجاسة أفعال الجنجويد، ولذلك يعمدون إلى إلحاقها بالولايات الأخرى التي وطأتها أقدامهم؟؟؟
أم لأنها ( عصت ) عليهم، وعزّ إقتحامها بقوة شكيمة أهلها الذين وقفوا صفاً مرصوص البنيان مع الجيش، ولم يتركوه لوحده، ولذلك أحرجتهم، وسفهت أحلامهم وإغتالت أمنياتهم وهوسهم؟؟؟
أم لأنهم رُسل شر، وطلائع سوء كل همهم أن يذيقوا الناس الويلات، ولذلك يجتهدون في الولوغ في كل الآنية، وبعثرة كل المحتويات، وتلويث كل البيئة؟؟؟؟
ولذلك، تراهم يجتهدون في قصفها بالطيران المسيّر، مرةً بعد مرة، علّه يشفى الغليل، ويعوّض عن الهزيمة وعدم القدرة على إقتحامها، دون إعتبار لأي سقف أخلاقي ( من أين لهم الاخلاق؟؟ ) فهم لا يبالون بضرب محطات الكهرباء بإستهداف سد مروي، الذي بنوه الرجال بعزمهم وإخلاصهم ( أسامة عبد الله ) الخصم اللدود للهالك البعاتي، ويستهدفون المطارات، وكل ما تطاله أحقادهم من محتويات ( دولة ٥٦ ).